الغساسنة، جزء: ١٢ – الشعراء و الشعر الغساني

أبدع الأردنيون الغساسنة في الشعر والبلاغة، تاركين لنا إرثًا زاخرًا بالحكمة والفصاحة. تفردت السلالة الغسانية الحاكمة بكونها سلالة من الشعراء، عكست قصائدهم فلسفة الحكم والعدل. ويُبرز النص دور الوصايا الشعرية المُلهمة التي نظمها ملوك غساسنة كالحارث الأكبر والحارث الأعرج، التي جسدت قيم العدل، والقوة، والحزم، والإصلاح

كان الأردنيون الغساسنة أهل بلاغة وفصاحة، وقد تركوا لنا في أشعارهم نفائس الحكمة. وتميزت السلالة الأردنية الغسانية الحاكمة بكونها سلالة شعراء متوارثين للبلاغة أبًا عن جد. ومن أروع ما وصلنا من هذا التراث الشعري، وصية الملك الأردني الغساني الحارث الأكبر لابنه عمرو بن الحارث، وهي قصيدة على بحر البسيط

يا حارِ إنِي أرى دُنيايَ صائِرةً ….. منِّي إليكَ وقد قامَتْ على ساقِ

غداً ستجتازُها دُونِيْ وتَملِكُهَا ….. إنْ يأذنِ اللهُ لي فيها بتفراقِ

ما يقتِنيْ المُلكَ إلاَّ من تبوَأهُ ….. عندَ النَوائِبِ مِنْ ماضٍ ومن باقِ

والنَاسُ سرحُ رِباعٍ والمُلوكُ لهُمْ ….. ما بينَ راعٍ وحفَاظٍ وسوَاقِ

ولا يحُوطُ ولا يرعَى الأنامَ سوى ….. من في ذُرَى المجدِ عالٍ في العُلى راقِ

ماضِي العزيمةِ ذي حَزْمٍ وذي فِطنٍ ….. مُوفٍ لدى العقدِ من عهدٍ وميثاقِ

تفِيضُ كالبحرِ ذي الأمواجِ راحتُهُ ….. بنائِلٍ مُستهِلِّ السَيبِ دفَاقِ

فإنْ ألمَتْ عوانٌ للحُرُوبِ وقى ….. مِنها الَذي لا يقيهِ دافِعٌ واقِ

بذابلٍ من قنا الخطِيِّ يقدمُهُ ….. وصارمٍ كشُعاعِ الشَّمس برَّاقِ

هيَ الوصِيَةُ فاحفظهَا كما حُفِظَتْ ….. لِلمُلكِ عن كُلِّ فَتَّاقٍ ورتَاقِ

تفيض هذه الأبيات بالحكمة والقوة والإحسان والعدل، وهي قيم ظل المجتمع الأردني يحتفي بها على مر العصور. يوصي الملك فيها ابنه بالعدل والإصلاح، موضحًا أهمية هذه القيم في إدارة شؤون الحكم

وصايا الحكم وفلسفة القيادة

استمر الملك الغساني عمرو بن الحارث في هذا النهج، واشتهر بفراسته وقدرته على استشراف المستقبل. فنظم وصيته لابنه الملك الحارث الأعرج، المشهور بـ”الخطّار”، قائلًا على بحر البسيط

هيَ الوصِيَةُ فاحفظهَا كما   …..    حُفِظَتْ لِلمُلكِ عن كُلِّ فَتَاقٍ ورتَاقِ

وفي هذه الوصية تظهر لنا فلسفة الحكم عند الأردنيين الغساسنة، فالملك هو راع وحفاظ وسواقِ يتولى رعاية شعبه ويكفل لهم أمنهم وأمانهم. ويتابع وصفه للملك فيقول أنه قوي العزيمة وحازم وفطن ويوفي بوعوده ومواثيقه ماضي العزيمة ذي حزم وذي فطن موف لدى العقد من عهد وميثاق

وصية الملك الحارث الأعرج

واصل الملك الحارث الأعرج نظم الوصايا الشعرية، ومن أبرزها وصية لابنه يدعوه فيها إلى الصدق والعدل ورعاية الضعفاء

لا تكذبنَّ فخيرُ القولِ أصدقُهُ ….. والمرءُ يكذِبُ في سرِ وإعلانِ

ما مِثلُ مُلكِكَ مُلكٌ حازَهُ ملِكٌ ….. من نسلِ حميرَ أو من نسلِ كهلانِ

إلاَّ التَبابِعةُ الغُرُ الَذين لهُمْ ….. كانتْ تدِينُ مُلوكُ الإنسِ والجَانِ

أبناءُ قيصرَ قدْ كانتْ تدينُ لهُمْ ….. وكانَ دانٍ لهُم كِسرى بنُ ساسانِ

إنَّ المُلوكَ رُعاةُ النَاسِ حينَ لهُمْ ….. ما كانَ في الأرضِ من عِزٍّ وسُلطانِ

كُنْ خيرَ راع إذا استرعاكَ ربُهمُ ….. إياهُمُ ولنا كُنْ خَيرَ ما ثانِ

وصية عمرو بن الحارث المحرق

ويذكر الأصمعي في كتابه “تاريخ العرب قبل الإسلام” قصائد أخرى لملوك أردنيين غساسنة وكلها تصب في الوصية والأخلاق الحسنة فيقول الملك الغساني عمرو بن الحارث (المحرق) لابنه أيهم يوصيه فيها بالعدل والإحسان

فإذا ملكت وصرت صاحب أمرها ….. بعدي فحطها بالتي هي أقوم

أحسن إلى من كان فيها محسنا ….. واعدل فمهما تستطع فتقدم

من نائل وسماحة تعلو بها ….. لبني أبيك سناؤها المتعظم

والجار والمولى فلا تخذلهما ….. فكلاهما لك صاحب لا يسلم

وعلى العشيرة كن عطوفا إنها ….. لبني أبيك صناعة لا تهزم

هاتا وصاتي إنني أوصيكها ….. فاعمل بها دون الورى يا أيهم

ونرى في هذه الأبيات البلاغة والفصاحة التي كان اكتسبتها القصيدة العربية عند شعراء الأردنيين الغساسنة الملوك. وقد أوصى الأردنيون الغساسنة أبناءهم بالعدل والإصلاح والحزم والقوة وهذا ما مكن ملوك الغساسنة الأردنيين من الحكم لمدة تزيد على الأربعة قرون حكما يمتاز بالرقي والحضارة

الشعراء الغساسنة

يعد الغساسنة من أبرز القبائل الأردنية التي أسهمت في إثراء الشعر العربي قبل الإسلام، وخلدت قصائد شعرائهم في كتب التاريخ. ومن بين هؤلاء الشعراء أسماء برزت بفضل قصائدهم التي عكست حياتهم وتجاربهم

الشيظم بن الحارث الغساني

كان أحد أفراد السلالة الحاكمة للغساسنة. تروي المصادر أنه قتل رجلاً فهرب إلى العراق، وهناك لجأ إلى خربة أو كهف. خلال رحلته أنشد الكثير من الأشعار، ومن أشهر قصائده تلك التي يقول في مطلعها

لحى الله صعلوكا إذا نال مذقة ….. توسد إحدى ساعديه فهوما

وساقته الأقدار عبر التجارة إلى أن يعود لموطنه متخفيا ورأى الملك المنذر بن الحارث فأنشد فيه شعرا وشرح له قصته فافتداه الملك 

عدي بن الرعلاء الغساني، وهو من الشعراء الذين نسبوا لأمهم وفقا لتقاليد النسب في المجتمع الغساني. صاحب بيت شعري من أشهر البيوت الشعرية الجاهلية

ليس من مات فاستراح بميت ….. إنما الميت ميت الأحياء

إنما الميت من يعيش ذليلا ….. كاسفا باله قليل الرجاء

قادته الأقدار إلى العودة سرًّا إلى موطنه بعد أن امتهن التجارة، وهناك التقى الملك المنذر بن الحارث. أنشد له شعراً شرح فيه قصته، فقام الملك بافتدائه

عدي بن الرعلاء الغساني

كان شاعراً عُرف بنسبه إلى أمه، وفقاً لتقاليد النسب في المجتمع الغساني. من أشهر أبياته التي خلدتها ذاكرة الشعر الجاهلي

كم تركنا بالعين عين أباغ ….. من ملوك وسوقة القاء

شعراء غساسنة آخرون

تذكر المصادر التاريخية أسماء عدد من الشعراء الغساسنة، الذين برز بعضهم في القرن السابع الميلادي وما بعده، مثل المثلم الغساني. ووصلتنا أبيات متفرقة من شعراء آخرين مثل

الفظ بن مالك الغساني

أوفى بن يعفر الغساني (المعروف بابن عنق الحية) –

جذع بن سنان الغساني

حبة بن الأسود الغساني

ساهم هؤلاء الشعراء في تشكيل جزء مهم من التراث الشعري العربي الذي يعكس قوة وحضارة الغساسنة في الأردن

رعاية البلاط الأردني الغساني للشعراء

اشتهر البلاط الأردني الغساني باحتفائه بالشعراء من مختلف أقطار الأردن والمناطق المحيطة، والتي امتد نفوذ الغساسنة إليها. وقد انعكست أمجاد الحضارة الأردنية الغسانية في قصائد العديد من الشعراء من مناطق مختلفة مثل المدينة المنورة، نجران، وكندة، فضلاً عن الحواضر الأخرى التي تأثرت بحضارتهم المزدهرة على مدار أربعة قرون من الحكم

من أبرز الشعراء الذين ارتبطوا ببلاط الأردنيين الغساسنة الشاعر حاتم الطائي، الذي أصبح مضرب المثل في الكرم والجود. كان حاتم الطائي أميرًا من قبيلة طيء، وهي قبيلة عربية كانت علاقاتها متوترة مع الملوك الأردنيين الغساسنة. وقد حاولت القبيلة الإغارة على القوافل التجارية الغسانية، ونجحت في إحدى المرات، مما أسفر عن مقتل ابن الملك الأردني أثار هذا الحادث غضب النعمان، فقام بشن هجوم على القبيلة وأسر عددًا كبيرًا من أفرادها

في ظل هذا الوضع، لم تجد قبيلة طيء خيارًا سوى الاستعانة بالشاعر حاتم الطائي المعروف بحسن أخلاقه ومكانته الرفيعة. قصد حاتم بلاط النعمان وأنشد شعرًا رائعًا نال إعجاب الملك. ومن عادات الأردنيين الغساسنة أنهم كانوا يكرمون الشعراء المجيدين بالعطايا الجزيلة، فطلب حاتم من النعمان إطلاق سراح قومه. استجاب النعمان لطلبه، وأفرج عن الأسرى تكريمًا للشاعر ومكانته

وقد قال في مدح النعمان بعدها قصيدة مطلعها

أَبلِغِ الحارِثَ بنِ عَمروٍ بِأَنّي ….. حافِظُ الوُدِّ مُرصِدٌ لِلصَوابِ

وَمُجيبٌ دُعائَهُ إِن دَعاني ….. عَجِلاً واحِداً وَذا أَصحابِ

حسان بن ثابت يُعد من أبرز الشعراء الذين أشادوا بالغساسنة الأردنيين في أشعاره. يكاد لا تخلو قصيدة له من التغني بحضارتهم، ورقيهم، وانتصاراتهم. في الواقع، يُعتبر شعره وثيقة اجتماعية وتاريخية مهمة تسلط الضوء على تفاصيل الحياة لدى الأردنيين الغساسنة. فمن خلال أشعاره، تعرفنا على أسلوب لباسهم، واحتفالاتهم الدينية، ومجالس الطرب، وانتصاراتهم في الحروب. وقد اعتمد الباحثون على شعر حسان بن ثابت بشكل شبه كامل في بعض الأحيان لرسم صورة أوضح عن الحضارة الأردنية الغسانية. ومن أبرز قصائده التي خلدت الغساسنة، تلك التي تبدأ بالمطلع

لله در عصابة نادمتهم يوما ….. بجلق في الزمان الأول

وتذكر المصادر التاريخية عدة لقاءات بين الشاعر حسان بن ثابت وبين ملوك الغساسنة جبلة بن الحارث والحارث بن أبي شمر والنعمان وغيرهم وكانت تدور في هذه اللقاءات مساجلات شعرية يرعاها البلاط الغساني الأردني

أما الشاعر الأخير المهم والذي استقر في بلاد الأردنيين الغساسنة بصفة قريبة لمفهوم اللجوء السياسي اليوم فهو الشاعر النابغة الذبياني من بني تميم

كان النابغة الذبياني شاعرًا سياسيًا بارعًا وواحدًا من علية القوم في قبيلة بني تميم. ويذكر أبو الفرج الأصفهاني أنه نظم شعرًا موجهًا إلى ملوك الغساسنة، يناشدهم فيه إطلاق سراح الأسرى الذين وقعوا في أيديهم خلال موقعة يوم حليمة وعين أباغ

قصة النابغة مع البلاط الغساني تميزت بتضارب الروايات واختلاف الآراء؛ فقد كان على علاقة جيدة مع مملكة المناذرة، أعداء الغساسنة، ولكن خلافًا وقع بينه وبين النعمان بن المنذر، ملك المناذرة. نتيجة لذلك، خشي النابغة على حياته من غضب الملك النعمان، ففرّ طالبًا الحماية لدى الحارث الأصغر، الملك الأردني الغساني آنذاك

وكما عُرف عن الغساسنة الأردنيين من كرم وحسن ضيافة، استجابوا لطلب النابغة وأمنوا له الحماية. عاش في كنفهم آمناً مطمئنًا حتى وافته المنية

ظل امتنان النابغة الذبياني للملك الأردني الغساني الحارث الأصغر (عمرو بن الحارث) محفورًا في ذاكرة التاريخ ومخلّدًا في ديوانه

كليني لهم، يا أميمة ، ناصب وليل أقاسيه، بطيء الكواكبِ

عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة لوالده ليست بذات العقاربِ

ما الذي يكشفه لنا الشعر الغساني؟

يُعد شعر حسان بن ثابت والنابغة شاهدًا حيًا على المجتمع الغساني في الأردن، حيث احتفى بهما البلاط الغساني في العصر الجاهلي. وباعتبار الشعر وثيقة اجتماعية وسجلًا تاريخيًا بالغ الأهمية، فإنه يعكس أوضاع الشعوب وثقافتها. من خلال أشعار هذين الشاعرين، يمكننا استنباط أبرز ملامح المجتمع الأردني الغساني، وفقًا لما توصلت إليه الدراسات التي تناولت ديوانهما

مناطق النفوذ والمدن والحواضر الغسانية

من الأمور التي تمكنا من التعرف عليها بفضل الشعر هي المناطق التي امتد عليها حكم الأردنيين الغسانيين. فقد ورد ذكر هذه المناطق في العديد من الأشعار، حيث يقول حسان بن ثابت في مطلع قصيدته التي ألقاها في حضرة الملك عمرو بن الحارث، مشيرًا إلى المدن والحواضر الغسانية الأردنية، وهي دلالة على اتساع الحضارة وامتداد سيطرة المملكة

لمن الدار أوحشت بمعان …… بين أعلى اليرموك والخمان

تلك دار العزيز بعد أنيس ….. وجلول عظيمة الأركان

ثكلت أمهم وقد ثكلتهم …. يوم حلوا بحارث الجولان

ويقول في موضع آخر

أسألت رسم الدار أم لم تسأل. …… بين الجوابي فالبضيع فحومل

فالمرج مرج الصفرين فجاسم …….. فديار سلمى درساً لم تحلل

يمكننا أيضاً أن نكوّن فكرة واضحة عن الأحوال الدينية والاجتماعية من خلال تلك الأشعار. فقد تناول الشعراء وصف احتفالات عيد الفصح وأحد الشعانين (الذي يعرف بيوم السباسب، والسباسب هو سعف النخيل)، بالإضافة إلى توثيق الأحوال الاجتماعية مثل الملابس والأحذية

يقول النابغة في واحدة من أجمل وأشهر القصائد التي تصف بدقة الأردنيين الغساسنة في الجانبين الديني والاجتماعي

مخافتهم ذات الإله ودينهم ….. قويم فلا يرجون غير العواقبِ

رقاق النعال، طيب حجزاتهم ….. يحيون بالريحان يوم السباسبِ

تحييهم بيض الولائد بينهم ….. وأكسية الإضريح فوق المشابِ

يصنون أجسادا طال نعيمها ….. بخالصة الأردان خضر المناكبِ

فهم أناس متدينون، “رقاق النعال” واصفا ملوك الأردنيين الغساسنة وهم يمشون بين العامة دلالة على العفة والزهد والتواضع. أما الإضريح والأردان فهي أنواع من الملابس الغالية

إعادة صياغة النص من الناحية الفنية

تستند القصيدة العربية التقليدية إلى ثلاثة عناصر أساسية: المقدمة، والتخلص، والخاتمة. وتعد المقدمة مفتتحًا تقليديًا لا يتجاوز موضوعات محددة مثل الغزل أو البكاء على الأطلال. أما “التخلص” فهو الانتقال السلس من موضوع المقدمة إلى الموضوع الرئيس للقصيدة دون أن يفقد ذلك من وحدة النص

لقد أسهم الجو الثقافي الذي رعى ملوك الغساسنة في الأردن في تحفيز الشعراء على الإبداع، مما أتاح لهم فرصة إنتاج أشعار رقيقة تُمتع السامعين. ومن أبرز المقدمات الطللية التي بدأ بها حسان بن ثابت إحدى قصائده في مدح ملوك الغساسنة

أسألت رسم الدار أم لم تسأل بين الجوابي فالبضيع فحومل

أما القصائد الغسانية التي تبدأ بمقدمات غزلية، فهي تتميز بالأناقة والجمال، مثل قصيدة للأعشى التي قال فيها

أترحل من ليلى، ولما تزود ….. وكنت كمن قصى اللبانة من ددِ

أما الخاتمة، وفقًا للنقاد، فهي ما يبقى في الأسماع بعد انتهاء القصيدة، ومن أبرز أمثلتها خاتمة قصيدة النابغة الذبياني في مدح آل غسان

حبوتٌ بها غسان إذا كنت لاحقا ….. بقومي وإذا أعيت علي مذاهبي

تشير الدراسات المتعلقة بشعر الغساسنة إلى أن لغتهم الشعرية تميل إلى السهولة والرقة، باستثناء القصائد التي تتناول موضوعات مثل الحروب أو قوافل الإبل. وبما أن البيئة الغسانية كانت حضرية ومتمدنة، فإن مفرداتهم الشعرية اتسمت بالرقة والسهولة، وهو ما يتناسب مع الطابع المدني للغساسنة مقارنةً بالبيئة البدوية.

لقد تميز الشعر الغساني بتعدد الصور الفنية وجمالها، ولا يزال العديد من أشعارهم يُستخدم كشواهد في النحو والبلاغة حتى اليوم. كما أن شعرهم يمتاز بالحكمة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك قول ابن الرعلاء الغساني

ليس من مات فاستراح بميت ….. إنما الميت ميت الأحياء

من الناحية الأدبية والفنية، تتعدد الأغراض الشعرية التي اهتم بها الغساسنة، فقد تناولوا الفخر والمدح والرثاء والحكمة

دور الشعر الغساني في حركة الشعر العربي القديم

لا يمكننا إغفال إسهامات المملكة الغسانية في إثراء الشعر العربي القديم. فقد وفر ملوك الغساسنة بيئة ملائمة للإبداع، حيث قدموا الدعم الكبير لشعرائهم، وجعلوا قصائدهم ذات قيمة فنية عالية. لم تقتصر هذه الإضافة على الكم، بل شملت النوع أيضًا، حيث تميزت قصائدهم بتعدد الأغراض الشعرية وتجدد الصور الفنية والجمالية، فضلاً عن القيمة التاريخية التي تتمتع بها

يعد الشعر الغساني مادة أساسية للدراسة في مجال الأدب الجاهلي القديم، سواء من ناحية التاريخ أو من ناحية الأسلوب الشعري. إذ يمثل شعر الغساسنة على مدار أربعة قرون من الحضارة والإبداع رافدًا مهمًا لنهر الشعر العربي القديم

المراجع

أبحاث إرث الأردن,  الشعر واللغة عند الأردنيين الغساسنة
Bazantinum and Arab in the sixth century, Vol2, Part  Dumbarton Oaks, Harvard University (1996)
النعيمات. ريهام. (2006) صورة الغساسنة والمناذرة في الشعر الجاهلي، رسالة ماجستير منشورة، جامعة آل البيت
اليسوعي، لويس.( 2011) الآداب النصرانية قبل الإسلام،(ط2) دار المشرق: بيروت
الهزاع، قطنة. (1994) الشعر في بلاط الغساسنة، رسالة ماجستير منشورة، جامعة اليرموك، عمان – الأردن

Previous:
الغساسنة، جزء: ١١ – التعدد اللغوي عند الغساسنة
Next:
الغساسنة، جزء: ١٣ – نهاية المملكة الأردنية الغسانية