الغساسنة، جزء: ١٣ – نهاية المملكة الأردنية الغسانية
شهدت المملكة الغسانية، التي امتدت لقرون في الأردن، نهايةً متسارعة نتيجة تعقيدات سياسية وعسكرية واجتماعية. توالت الأحداث من تراجع الوحدة الداخلية للمملكة بعد وفاة الملك الحارث إلى الضغوط البيزنطية وظهور الجيوش الإسلامية. في هذه الفترة الحاسمة، تغيرت موازين القوى في المنطقة، مؤذنةً بنهاية حكم الغساسنة وانخراط الأردنيين في نظام الدولة الإسلامية الناشئة
الحالة الدينية في آخر القرن السادس وبداية القرن السابع
يرى العديد من الباحثين أن نهاية المملكة الغسانية بدأت بشكل فعلي مع وفاة الملك الحارث. فقد خلفه ابنه المنذر، الذي شغلت الحروب اهتمامه، مما أدى إلى تراجع المملكة وضعف وحدتها. وفقًا للبنية الاجتماعية التي كانت سائدة عند تأسيس الإمارة الغسانية، لم يكن الأردنيون من سكان البادية والحواضر ليرضوا بحاكم يفتقر إلى الاهتمام بتوحيد شعبه
في نفس الوقت، ومع اقتراب نهاية القرن السادس الميلادي، كانت الجيوش الإسلامية تتقدم نحو الأردن، حيث جرت اتفاقيات صلح وأمان مع القبائل الأردنية المسيحية. وفي عام ٦٣٦ م، شهدت المنطقة معركة اليرموك، التي شكلت نقطة تحول حاسمة في تاريخ المنطقة
الظروف المحيطة بنهاية المملكة الغسانية
شهدت نهاية المملكة الأردنية الغسانية العديد من الظروف المعقدة، حيث تدهورت العلاقة بين الغساسنة والبيزنطيين، وفي الوقت نفسه كانوا في مواجهة الجيوش الإسلامية. بدأت الجيوش الإسلامية تتوجه نحو الأردن منذ العام الخامس للهجرة، وكان أول توقف لها في دومة الجندل. على الرغم من أن المعركة لم تحدث في تلك المرحلة، إلا أن دومة الجندل كانت من أبرز مضارب العشائر الأردنية
ثم جاءت معركة مؤتة التي مثلت ثاني اشتباك بين الغساسنة والمسلمين، عندما بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمر الأزدي إلى الملك الغساني الحارث بن شمّر. اعترضه والي الملك شرحبيل بن عمرو وقتله، مما أدى إلى خسارة المسلمين في هذه المعركة أمام القوة العسكرية الغسانية. بعد أربع سنوات، وفي غزوة تبوك، خاضت القبائل الأردنية مع الكتائب البيزنطية معركة لم تسفر عن اشتباك حقيقي، مما أدى إلى زعزعة ثقة القبائل الأردنية بالحكام الغساسنة وزرع الشكوك في نفوسهم
فيما بعد، وفي عام ٦٣٦ م، دارت معركة اليرموك على الأراضي الأردنية، حيث انتصر جيش خالد بن الوليد على البيزنطيين. تدفقت جيوش المسلمين عبر الأراضي التي كانت تحت حكم الغساسنة، ولم يواجهوا أي مقاومة. خلال تلك السنوات، أبرم النبي محمد صلى الله عليه وسلم العديد من المعاهدات السلمية مع القبائل الأردنية المسيحية، التي كانت قد سئمت من السياسة الغسانية والبيزنطية بسبب تزايد الضرائب والفرض الإجباري للتجنيد العسكري
نهاية حكم الغساسنة
استمر حكم الغساسنة حتى معركة اليرموك في عام ٦٣٦ م، حيث انتصر جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد على آخر ملوك الغساسنة، جبلة بن الأيهم، الذي فر إلى القسطنطينية وتوفي هناك، و بعد هذه المعركة، انخرط الأردنيون الغساسنة في نظام الدولة الأموية
وفي الختام، لخص الملك والشاعر الأردني الحارث الأعرج، سادس ملوك الغساسنة، رؤية أسرة الغساسنة الحاكمة التي استمرت لأربعة قرون. ولو لم تفقد هذه الأسرة الشرعية السياسية نتيجة تدهور علاقاتها مع القبائل الأردنية، لربما استمرت في حكم البلاد لفترة أطول
المراجع
أبحاث إرث الأردن, الأردنيون الغساسنة: مدخل عام
علي. ج. (2001) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، (ط4)، لبنان: بيروت، دار الساقي
العيسي، سالم (2007) تاريخ الغساسنة، ط1، دار النمير. دمشق – سورية