العماليق الأردنيين، جزء: ٦ – أدلة تاريخية على أصول الهكسوس الأردنية
العماليق، أو الهكسوس الأردنيون، هم قبائل أردنية قديمة ذات جذور عميقة في التاريخ العربي، حيث امتدت مملكتهم من شمال الأردن إلى تخوم الفرات والبحر المتوسط. سكنوا مناطق واسعة من الأردن وفلسطين، وكان لهم تأثير واضح في تاريخ المنطقة، بما في ذلك دورهم البارز في مصر القديمة
تُشير العديد من المصادر التاريخية إلى أن الهكسوس الذين حكموا أجزاء من مصر القديمة هم ذاتهم العماليق الذين ورد ذكرهم في التراث العربي. حيث يوضح المؤرخون العرب ذلك بوضوح، ومنهم د. أحمد شلبي الذي يُرجع الهكسوس إلى الرعاة العماليق. كما يؤكد
د. لويس عوض أن العماليق هم ذاتهم جحافل الهكسوس، ويضيف أن التوراة أيضًا تشير إلى هؤلاء العماليق على أنهم الهكسوس
وفي السياق ذاته، يذكر المؤرخ الأثري أحمد نجيب أن العمالقة هم في الحقيقة أمة الهكسوس، بينما يشير عبد الحميد جودة السحار إلى أن المؤرخين العرب يُجمعون على أن الهكسوس هم العماليق
ويدعم هذا الرأي فوزي العنتيل، الذي يستشهد بما أورده المؤرخ جورجي زيدان في كتاب “العرب قبل الإسلام”، بأن العمالقة هم ذاتهم الهكسوس. ويذهب المؤرخ العراقي د. أحمد سوسة إلى القول بأن المصريين القدماء كانوا يُطلقون على ملوك الرعاة لقب “العمالقة”، وهو ما يتوافق مع الإشارة إلى الهكسوس، ويؤكد أن العرب كانوا يُسمّونهم العمالقة كذلك. ويضيف الباحث العراقي عبد الفتاح الزهيري أن الهكسوس كان يُطلق عليهم هذا الاسم، بينما سمّاهم العرب العماليق، وهو ما أشار إليه أيضًا المؤرخ السوري عزة دروزة بتأكيده على أن العماليق هم ذاتهم الهكسوس
أصل تسمية العماليق ودلالاتها التاريخية
تعود تسمية “العماليق” إلى مصطلح يتكون من مقطعين، حيث تشير بعض النظريات إلى اشتقاق الكلمة ودلالتها اللغوية. يبدو أن لفظ “العماليق” يُشتق من كلمة “العملاق” العربية، التي تدل على الطول وضخامة الجسم. وقد جاءت كلمة “عملاق” لتصف الإنسان الذي يتفوق على غيره في الطول والجسامة، مما قد يعكس صفة جسدية ميزت هذه القبائل عن غيرها. وورد في القواميس العربية أن “العماليق” جمع “عمليق”، وهو مصطلح يشير إلى من يتميز بالطول أو الضخامة أو التفوق في مجالات العلم والمعرفة
وقد ورد في القرآن الكريم إشارة إلى هذه الضخامة والبسطة التي منحها الله لبعض الأقوام، كما في الآية من سورة البقرة: <<وَقَالَ لَهُمْ نَبِيّهُمْ إِن اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالوت مَلكا قَالوا أَنّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْملك مِنهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعة مّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَليكم وزَادهُ بَسْطَة فِي الْعِلْمِ وَالجِسم وَاللّهُ يُؤْتي ملكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسعٌ عَليمٌ >>، مما يُفهم منه إشارة إلى تفوق العماليق في بنية أجسامهم ومعرفتهم
يعتقد عدد من المؤرخين أن المقطع “عمـ” كان يعني “البدوي” في بعض اللغات القديمة، وعندما يُستخدم بصيغة الجمع فيصبح “عمـو” ليشير إلى جماعة البدو الأردنيين. وورد اسم “العماليق” كوصف لهؤلاء البدو الذين كانوا يتمتعون بقوة وشجاعة، ويعود أصلهم إلى ثمود الأردنيين التي كانت تشمل مناطقهم شمال جزيرة العرب، وتمتد إلى ممالك أدوم ومؤاب وعمون، وصولاً إلى باشان وبيريا (السلط حاليًا)
الصورة في السطر العلوي في المنتصف: من كتاب البدء والتاريخ
الصورة في السطر السفلي على اليمين: من الاشارات إلى معرفة الزيارات
الصورة في السطر السفلي على اليسار: من كتاب تفسير القرآن العزيز
في تاريخ مصر القديمة، كان يُعرف البدو الغزاة الذين سيطروا على أجزاء واسعة من مصر باسم “الهكسوس”، وهو مصطلح يعني “الملوك الرعاة” أو “زعماء البلاد الأجنبية” في اللغة المصرية القديمة. وقد أشار المصريون القدماء إلى الهكسوس باسم “العمو (Amu) وهو اسم استخدموه لوصف القبائل البدوية القادمة من الشرق، والتي اشتُهر عنها التنقل وممارسة الرعي. وارتبط اسم “العمو” تاريخيًا بهذه القبائل التي شكلت فيما بعد جزءًا من جيوش الهكسوس
يرى الدكتور لويس عوض أن قبائل “العمو” البدوية التي ورد ذكرها في النصوص المصرية القديمة كانت على صلة وثيقة بغزو الهكسوس لمصر. وبدوره يؤكد الدكتور جمال حمدان أن هذه القبائل المعروفة باسم “العمو” هم الهكسوس الذين ذُكروا في المدونات المصرية القديمة، بل إن الدكتور سليم حسن، المؤرخ المصري، يوضح أن الهكسوس أنفسهم أطلقوا على أنفسهم اسم “العمو”، وقد ورد اسم “عمو” بين أسماء ملوك الهكسوس، ما يعزز ارتباطهم بهذه التسمية
أما عن مقطع “ليق” الذي يرتبط أحيانًا باسم الهكسوس، فقد عُرف في حضارات بلاد الرافدين القديمة، حيث كان يُطلق على الجنود المرتزقة الذين جُنّدوا من القبائل البدوية للخدمة في جيوش الدولة. واستمرت هيمنة الهكسوس على أجزاء من مصر لفترة تتراوح بين ٢٠٠ و٣٥٠ سنة، وفقًا للروايات التاريخية المختلفة، حتى تمكن الملك المصري أحمس الأول من طردهم في نهاية المطاف، منهياً بذلك فترة حكمهم ومجددًا استقلال مصر بالكامل
مراجع
د . احمد عويدي العبادي, أدلة على أن الهكسوس أردنيين
كتاب البدء والتاريخ – المطهر بن طاهر المقدسي
كتاب الاشارات الى معرفة الزيارات – ابي بكر الهروي
كتاب تفسير القرآن العزيز– ابن أبي زمني