العماليق الأردنيين، جزء: ١ – تاريخهم، امتدادهم وتأثيرهم على الحضارات القديمة
العماليق هم قبائل أردنية قديمة يُطلق عليهم أيضًا أسماء متعددة مثل الهكسوس، الشاسو، والجبارين. نشأت مملكتهم في شمال الأردن، حيث امتدت أراضيهم من حوران وجبل العرب غربًا إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن بلاد الحرة إلى تخوم الفرات. قد سكنوا مناطق واسعة في الأردن وفلسطين، وكان لهم دور بارز في التاريخ القديم، إذ أثّروا في الأحداث الهامة مثل وجودهم في مصر القديمة. ويُعتبر العماليق جزءًا من قوم ثمود الأردنيين الذين كانوا عربًا عاربة وأصيلة في جذورهم
رسم توضيحي من مجموعة فيليب ميدهورست – يشوع وهو يقاتل عماليق
العمالقة، المعروفون أيضًا بالهكسوس، هم إحدى القبائل من الأمة الثمودية الأردنية. كانت لهم مملكة مزدهرة في شمال الأردن، امتدت حدودها غربًا حتى البحر الأبيض المتوسط وشرقًا إلى حدود الحرة في البادية الأردنية الشمالية وإلى تخوم نهر الفرات. شملت مملكتهم مناطق واسعة، منها حوران وجبل العرب، وكانت عاصمتهم تقع في مدينة طبقة فحل خلال الشتاء، وفي مدينة إربد، المعروفة قديمًا باسم أرابيلا، خلال الصيف
وفي إحدى مراحل تاريخهم، رحل جزء كبير من العمالقة إلى مصر، حيث استقروا وأسسوا حكمًا هناك بعد اتفاق تم مع ملوك الأردن القدماء. بعد هذا الرحيل، تولى جيرانهم وحلفاؤهم من الباشانيين، الذين ينتمون أيضًا إلى قوم العماليق، زمام الحكم في مناطقهم الأصلية، ونقلوا عاصمتهم إلى بيسان في الشتاء ودرعا في الصيف. واستمرت المملكة الباشانية بالازدهار في شمال كنعان، حيث باتت تُعرف باسم مملكة الهكسوس، وظلت تحافظ على إرث العماليق الثمودي وتأثيرهم الثقافي في المنطقة
عرف الأردنيون العماليق منذ القدم بألقاب وأسماء عديدة، منها “الهكسوس” و”الشاسو” و”الجبارين”، وقد ورد ذكرهم في نصوص تاريخية متنوعة، ما يعكس حضورهم الواسع وأثرهم العميق في تاريخ المنطقة. امتد نفوذ العماليق عبر مناطق عديدة وأجزاء واسعة من الشرق الأدنى، حيث كانوا يُعدّون من الشعوب العربية الأولى التي سكنت بلاد الشام
الهكسوس: يُعد الهكسوس من أقدم القبائل العماليقية، حيث عُرفوا بمهاراتهم في الفروسية واستخدام الخيول والعربات، ما ساعدهم في بسط سيطرتهم العسكرية على مناطق مختلفة، بما في ذلك مصر، التي استوطنوها لفترة واستطاعوا حكمها خلال عصر الأسرة الخامسة عشرة. أشار المؤرخون إلى أن الهكسوس كانوا من القبائل البدوية القادمة من الشرق، ويعود أصلهم إلى الشعوب السامية التي هاجرت من الأردن إلى وادي النيل. وكانت علاقاتهم مع مصر متباينة، ففي حين استقروا في البداية كتجار ووافدين، انتهى بهم المطاف إلى السيطرة على البلاد وتأسيس دولة عُرفت بالقوة والبأس العسكري
الشاسو: يُذكر الشاسو كجزء من القبائل العماليقية التي كانت تتمركز في مناطق البادية الأردنية وشمال الجزيرة العربية. ورد ذكرهم في النصوص المصرية القديمة كمجموعات بدوية اعتادت التنقل، وكانوا يشتهرون برعي الأغنام والإبل، وكانت لهم علاقة متوترة مع المصريين، حيث خاضوا عدة مواجهات معهم. ونظراً لتمركز الشاسو في المناطق الصحراوية الوعرة، كانوا يعتمدون على التكتيكات الحربية المفاجئة، ما أكسبهم سمعة كمحاربين مهرة يجيدون الكرّ والفرّ. ويعتقد بعض المؤرخين أن الشاسو ساهموا في تشكيل تحالفات مع شعوب أخرى، ما عزز نفوذهم في تلك الفترة
الجبارين: ورد اسم “الجبارين” في النصوص التاريخية للدلالة على العماليق كشعب ذي بأس وقوة، فقد وُصفوا بأنهم ذوو قامة طويلة وبنية جسدية قوية، ما جعلهم يُعرفون بين الشعوب الأخرى بصفاتهم الجسدية المميزة. وقد أشار التناخ العبري إلى الجبارين، واصفاً إياهم بشعب ذي صلابة وشجاعة، ويُعتقد أن الجبارين، مثل العماليق الآخرين، كانوا من السكان الأوائل في مناطق الأردن والشام، وكانوا يشكلون قوة لا يستهان بها في المنطقة، حيث سكنوا المناطق الوعرة والجبلية وأقاموا تحصينات قوية في مواقعهم
قال سبحانه { قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَارِينَ وَإِنَا لَن نَدْخُلَهَا حَتَىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَا دَاخِلُونَ (٢٢) }
سورة المائدة
تُمثل العماليق جزءاً جوهرياً من تاريخ المنطقة العربية، وتعد أسمائهم التي وردت في النقوش التاريخية شهادة على تأثيرهم وحضورهم الواسع. ومن خلال نصوص حضارات الشرق الأدنى، يتضح أن الأردنيين العماليق هم من الشعوب التي شكلت جزءاً من التاريخ الثقافي والاجتماعي للمنطقة
الهكسوس: تأثيرهم في الأردن ومصر
أطلق مؤرخو اليونان اسم “الهكسوس” على جماعة من الحكام الأجانب الذين سيطروا على أجزاء من مصر في عصور قديمة. يتكون هذا الاسم من كلمتي “هيك” بمعنى “الملك”، و”سوس” التي تعني “الراعي”، مما يمنحها معنى ملوك الرعاة
وقد قدم عالم المصريات بروكش تفسيرًا آخر للاسم، حيث اعتبر أنه يتألف من كلمتي “هيك” بمعنى “الملك” و”شاسو” وهي كلمة ترتبط بمعنى “البدو” أو “البراري الشاسعة”. وبناءً على هذا التفسير، قد يعني الاسم “ملك البدو” أو “ملك البراري الشاسعة”؛ مما يعكس صورة حاكمة مرتبطة بجماعات رعوية أو ذات أصول بدوية جاءت من مناطق صحراوية واسعة
بعد خروج جزء من الهكسوس من موطنهم في غور الأردن، تحديداً من منطقة طبقة فحل في شمال وادي الأردن، اتجهوا نحو مصر حيث أسسوا هناك مملكة قوية وازدهرت تحت حكمهم. وقد ذُكر هؤلاء الحكام في القرآن الكريم في سياق قصة سيدنا يوسف عليه السلام في سورة يوسف، حيث أُشير إلى الملك الذي استضافه ويُقال إنه الملك الوليد بن الريان، الذي حكم خلال فترة وجود يوسف في مصر
تشير المصادر التاريخية إلى أن تحرك الهكسوس نحو وادي النيل جاء بتنسيق بين ملوك الأردن في ذلك الوقت، وذلك لضمان السيطرة على مصر وتأمينها حتى لا تصبح بؤرة تهديد للممالك الأردنية المجاورة. وبهذه الاستراتيجية، تمكن الهكسوس من تحقيق استقرار لمملكتهم الأردنية وفرض نفوذهم على وادي النيل، مما خلق نوعاً من التوازن الإقليمي وحمى جبهة الأردن من أي تهديد مصري محتمل
في العصور القديمة، كان وادي الطميلات يُعد أحد أهم الممرات التجارية الرابطة بين مصر والأردن، حيث مثّل شريان اتصال رئيسياً لتجارة القوافل بين البلدين. امتد هذا الوادي كشريط خصب من الأراضي الزراعية وسط بيئة صحراوية، مما جعله ممراً استراتيجياً للقوافل المحملة بالبضائع المتنوعة
وعلى امتداد الوادي، بُنيت “قناة الفراعنة” التي كانت متصلة بنهر النيل، وقد أنشئت بهدف تزويد هذا الممر المائي الحيوي بالمياه اللازمة لدعم القوافل الزراعية والتجارية في طريقها بين مصر والأردن. كذلك، ساهمت هذه القناة في تعزيز زراعة الأراضي المحيطة بالوادي، لتكون مورداً إضافياً يغذي حركة التجارة، ويحقق الفائدة من خصوبة الأراضي المجاورة
تجمع الملوك الأردنيون في ذلك العصر في منطقة عابل، المعروفة أيضاً بأبل الزيت، وفي منطقة اللعين البيضاء جنوب الطفيلة، حيث تم الاتفاق على تشكيل تحالف مشترك لدعم قبائل الشاسو، الذين عُرفوا لاحقاً بالهكسوس. لعبت الممالك الأردنية دوراً حيوياً في تقديم جيش قوي لهذه القبائل، وشملت المساعدة تزويدهم بالأسلحة والعربات الحربية التي صُنعت في وادي عربة. كان وادي عربة، الممتد في الجنوب الأردني، منطقة غنية بالغابات في ذلك الوقت، مما ساهم في دعم عمليات التصنيع الحربي وتوفير الموارد اللازمة لتجهيز الجيوش. ويُعتقد أن وادي عربة أخذ اسمه من “عربة” ملك الهكسوس، ليصبح رمزاً لتلك الفترة من التحالفات الإقليمية والصراعات العسكرية التي شكلت جزءاً من التاريخ الأردني القديم
الأردن: العمالقة والشاسو وثمود
ورد ذكر “الشاسو” العمالقة (الثموديين الأردنيين) في المصادر التاريخية لمصر القديمة، حيث ترتبط صفاتهم التاريخية بالديار الأردنية الواسعة، والتي شملت في تلك الأزمنة أراضي سيناء الجنوبية، ومنطقة النقب، وغزة، وجنوب بلاد الخليل. كانت حياة البدو في الأردن تتسم بالتجوال والترحال، خصوصاً في سنوات القحط والجفاف، حيث سعوا خلف الحرية من جهة، وتطلبوا الماء، والكلأ، والأمن من جهة أخرى. إضافة إلى ذلك، لعب التنقل دوراً كبيراً في تعزيز تجارتهم وتنقلاتهم في مختلف أرجاء المنطقة، ما جعلهم جزءاً حيوياً من النسيج التجاري والحضاري في المنطقة
العمالقة او العماليق هم أصلا من قوم عاد, وهم عرب اصلاء , ووصفهم القرآن الكريم بذلك بقوله سبحانه { سَخَرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) } سورة الحاقة
وقوله سبحانه في وصف قوتهم وكم هم عمالقة ويفتخرون بقوتهم الجسدية والجماعية { فَأَمَا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُ مِنَا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَهَ الَذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّمِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) } سورة فصلت
تذكر إحدى الرسائل المصرية القديمة، التي كُتبت في فترة حكم فرعون مرنبتاح، تفاصيل هجوم من قبائل شاسو القادمة من بلاد أدوم. الرسالة، التي أُرسلت إلى إحدى القلاع الحدودية المصرية في وادي الطميلات، تصف حركة هذه القبائل نحو الأراضي المصرية، حيث توغلت إلى منطقة بحيرات الري في الشرق. وتتابع الرسالة في سرد أحداث هذا الهجوم، الذي أدى إلى احتلال وسط وشمال مصر. هذه الحادثة تمثل جزءًا من التوترات الحدودية التي شهدتها مصر خلال تلك الحقبة، حيث كانت القبائل البدوية تشكل تهديدًا متكررًا للاستقرار المصري
و يُعتبر الأموريون جزءاً من قبائل ثمودية قديمة في منطقة الأردن، ويشمل ذلك الأفراد الذين انتموا إليهم من خلال الانضمام العشائري أو الاتحاد معهم أو بالارتباط الجغرافي والجوار. كما يمكن أن يكون البعض منهم قد تميزوا بجذور أصيلة ونسب يعود إلى هذه القبائل. وعلى الرغم من هذه التباينات في طرق الانتماء، فإنهم جميعًا ينتمون إلى نفس الأصول العرقية العربية العاربة، التي تتميز بكونها نقية وأصيلة في جذورها
مراجع
د . احمد عويدي العبادي, الأردنيون العماليق (واسمهم ايضا: الهكسوس , الشاسو, والجبارين)
تاريخ البلوش, الدكتور عدنان العطار