المملكة الأردنية الأدومية، جزء: ١٩ – الملك الأردني حدد الثاني زمن الاحتلال الإسرائيلي
يعد الملك حدد بن بدد أحد أبرز الملوك في تاريخ أدوم والأردن، حيث لعب دورًا محوريًا في التحالفات السياسية والعسكرية خلال زمن سيدنا موسى عليه السلام. اشتهر بعلاقاته القوية مع كل من فرعون مصر والملك بولاق بن صفور، كما ارتبط اسمه بالأسطورة والتاريخ، حتى أصبح لاحقًا اسمًا لإله من آلهة بلاد الشام. يعكس هذا الامتزاج بين التاريخ والأسطورة مدى تأثير حدد بن بدد في الوعي الجماعي للأردنيين القدماء ودوره في صياغة تاريخ المنطقة
تصور تخيلي لمعركة تاريخية بقيادة الملك حدد الثاني
الملك الشهير في تاريخ أدوم والأردن، الملك العظيم والمؤسس حدد بن بدد، الذي عاش في زمن سيدنا موسى عليه السلام وكان حليفًا لفرعون، كما كان حليفًا للملك بولاق بن صفور ملك المملكة الأردنية المؤابية، وحليفًا للنبي بلعام (أمير بلعما) الذي انسلخ عن آيات الله سبحانه كما ذكر القرآن الكريم. كما كان حليفًا لمملكة بيريا الأردنية (وعاصمتها السلط المحروسة)
وقد أصبح اسم “حدد” فيما بعد، بعد وفاته بفترة طويلة، اسمًا لإله من آلهة بلاد الشام، وذلك نتيجة لمحبته الكبيرة بين الناس وتداول سيرته العطرة على مرّ القرون. لكن الناس لم يعتقدوا أنه إله، حيث أن الأردنيين في تاريخهم القديم لم يتخذوا ملوكهم آلهة، بل قدموا لهم الحب والتبجيل، وليس التقديس أو العبادة. وهذا ينطبق على الملك المؤسس حدد بن بدد، والملك الباني الحارث الرابع، والملكة المعززة ماوية ملكة بيريا، والملكة المؤمنة بلقيس ملكة الجوف/سبأ الشمالية، والملك المحارب بولاق بن صفور، والملك المحرر ميشع
أما في حالة الملك الأردني الأدومي حدد بن بدد، فقد صار اسمه (وليس شخصه) لاحقًا اسمًا لإله من أهم آلهة الهلال الخصيب. حيث عبده الآراميون السوريون وسموه “الإله حدد” أو “بعل حدد” أو “أدد”، بحسب لهجة كل منطقة، مما يدل على مدى انتشاره
وبذلك نجد أن الأردن كان مركزًا لظهوره وانتشاره، كما كان مركزًا لانتشار آلهة أخرى مثل الإله حورس المصري، وعشتاروت، وغيرها من الآلهة
وقد أصبح الإله حدد إله العاصفة في بلاد الرافدين، وهو شخصية مهمة في مجمع الآلهة في آشور وبابل، حيث كان يعتقد أنه يجلب الرخاء بفضل المطر أو يسبب الدمار بغضبه. وكان يعد رئيسًا لمجمع الآلهة المحلية في بعض مناطق بلاد الرافدين في الألف الأول قبل الميلاد، كما في سوهو. ويعرف هذا الإله في الأكادية باسم أدد (أو حدد) وفي الآمورية باسم أدو، وفي السومرية باسم إشكور
(𐎅𐎄𐎆) والإله حدد يكتب في الأوغاريتية
وفي وقت لاحق، أصبح الإله معروفًا باسم “آداد” أو “حدِّد”، وهو مشتق من الجذر “هدَّ أو حدَّ” بمعنى “يرعد” من الرعود. وورد اسم أو “بعل حدد” أو “أدد” كأحد أهم آلهة الهلال الخصيب، حيث انتشرت عبادته بين شعوب المنطقة من شمالها إلى ساحلها، مرورًا بدمشق وصولًا إلى بلاد الرافدين
جنود اشوريون يحملون تمثال بعل هدد, المصدر: ويكيبيديا
تذكر الأساطير القديمة أن هذا الإله كان يتنقل في سماء الدنيا على عربته، يجلد الغيوم بعصاه لتسقط الأمطار، بينما كان ثوره يزمجر، مما كان يسبب صوت الرعد الذي يهز الأرض. يرتبط هذا الإله الأسطوري بالاسم والأصل والوظيفة مع الإله الأكادي أدد، ويُلقب أيضا بـ “بعل”، ولكن هذا اللقب لم يقتصر عليه فقط، بل أطلقته شعوب شمال بلاد الشام على آلهة أخرى أيضا
اشتهرت العديد من مدن بلاد الشام بعبادة الإله حدد، وكان أبرزها دمشق، حيث كان معبده يقع في مكان الجامع الأموي اليوم. كما كان يوجد في مدينة حلب معبد ذو أهمية كبيرة لهذا الإله، وكان يقع في أعلى نقطة من المدينة، وهي قلعة حلب الحالية. وقد تم اكتشاف خواتم أثرية في تلك المنطقة نقشت عليها صورة الإله حدد، يظهر فيها وهو ممسك بصولجانه وفأسه، وقبض على لجام عربته، بينما كان الثور رابضًا عند قدميه
كان للملك الأردني الأدومي حدد بن بدد دور بارز في أساطير الساحل السوري، وخاصة في ميثولوجيا مدينة أوغاريت. هذا يبرز العلاقات التجارية بين مملكة أدوم وأوغاريت، ويعكس العلاقة الودية التي كانت قائمة بينهما، حيث كانت هناك منافع للطرفين
أما الملك حدد الثاني، الذي نتحدث عنه هنا، فهو أيضا من أدوم. ظهر في فترة الاحتلال الإسرائيلي لمملكة أدوم في زمن داود وسليمان عليهما السلام، وتسبب في العديد من المشاكل لإسرائيل خلال حكم سليمان. وعندما كان حدد الثاني لا يزال شابًا، هرب مع بعض خدمه إلى مصر، حيث كان التحالف الأدومي المصري قائمًا في ذلك الوقت، وهو ما استمر منذ العصور القديمة، وكان في أوج قوته خلال فترة الملك المؤسس حدد بن بدد مع فرعون موسى
هرب حدد الثاني (وكان في ريعان شبابه) عبر فاران هربًا من القائد اليهودي يوآب، الذي كان قائد جيش داود وابن أخته صروية. وقد كان يوآب شخصية قوية وقاسية، وكان قد أمر بقتل جميع الذكور الذين وجدهم في مملكة أدوم
وفي مصر، استقبل الملك حدد الثاني وأتباعه بحرارة، حيث تم توفير بيت وطعام وأرض له، وزوجه فرعون مصر لاحقًا بأخت زوجته. أنجب حدد منها ابناً اسمه “جنوبث” (أي المولود في الجنوب، والذي كان يعني المنفى أو الغريب أو المغترب بالنسبة للأدوميين)
عاش حدد الثاني في بيت فرعون وتربى مع أولاده. وعندما علم بموت الملك داود ويوآب، عاد إلى أدوم وقاوم سليمان. وتمكن من تحرير أدوم واستعادة عرشه بالقوة، كما ورد في سفر الملوك الأول
فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ
إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا
عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا
وَأَقَامَ الرَّبُّ خَصْمًا لِسُلَيْمَانَ: هَدَدَ الأَدُومِيَّ، كَانَ مِنْ نَسْلِ الْمَلِكِ فِي أَدُومَ
وَحَدَثَ لَمَّا كَانَ دَاوُدُ فِي أَدُومَ، عِنْدَ صُعُودِ يُوآبَ رَئِيسِ الْجَيْشِ لِدَفْنِ الْقَتْلَى، وَضَرَبَ كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ
لأَنَّ يُوآبَ وَكُلَّ إِسْرَائِيلَ أَقَامُوا هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَفْنَوْا كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ
أَنَّ هَدَدَ هَرَبَ هُوَ وَرِجَالٌ أَدُومِيُّونَ مِنْ عَبِيدِ أَبِيهِ مَعَهُ لِيَأْتُوا مِصْرَ وَكَانَ هَدَدُ غُلاَمًا صَغِيرًا
وَقَامُوا مِنْ مِدْيَانَ وَأَتَوْا إِلَى فَارَانَ، وَأَخَذُوا مَعَهُمْ رِجَالًا مِنْ فَارَانَ وَأَتَوْا إِلَى مِصْرَ، إِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَعْطَاهُ بَيْتًا وَعَيَّنَ لَهُ طَعَامًا وَأَعْطَاهُ أَرْضًا
فَوَجَدَ هَدَدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ جِدًّا، وَزَوَّجَهُ أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أُخْتَ تَحْفَنِيسَ الْمَلِكَةِ
فَوَلَدَتْ لَهُ أُخْتُ تَحْفَنِيسَ جَنُوبَثَ ابْنَهُ، وَفَطَمَتْهُ تَحْفَنِيسُ فِي وَسَطِ بَيْتِ فِرْعَوْنَ وَكَانَ جَنُوبَثُ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ بَيْنَ بَنِي فِرْعَوْنَ
فَسَمِعَ هَدَدُ فِي مِصْرَ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدِ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ، وَبِأَنَّ يُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ قَدْ مَاتَ فَقَالَ هَدَدُ لِفِرْعَوْنَ: أَطْلِقْنِي إِلَى أَرْضِي
فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: «مَاذَا أَعْوَزَكَ عِنْدِي حَتَّى إِنَّكَ تَطْلُبُ الذَّهَابَ إِلَى أَرْضِكَ؟» فَقَالَ: لاَ شَيْءَ، وَإِنَّمَا أَطْلِقْنِي
(سفر الملوك الأول ١١: ١٤-٢٢)
وَكَانَ خَصْمًا لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ، مَعَ شَرِّ هَدَدَ. فَكَرِهَ إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ عَلَى أَرَام
(سفر الملوك الأول ١١: ٢٥)
وفي سفر الملوك الأول ( ١١: ١٤-٢٥ )، نجد النص التالي: “وأقام الرب خصمًا لسليمان: هدد الأدومي، وكان من نسل الملك في أدوم. حدث أنه عندما كان داود في أدوم، أثناء صعود يوآب رئيس الجيش لدفن القتلى، ضرب كل ذكر في أدوم، لأن يوآب وكل إسرائيل أقاموا هناك ستة أشهر حتى أفنوا كل ذكر في أدوم.” هرب هدد مع رجال أدوميين من جيشه وعبيد أبيه إلى مصر. كان هدد غلامًا صغيرًا، ثم توجهوا من مدين إلى فاران، وأخذوا معهم رجالًا من فاران، وأتوا إلى مصر، إلى فرعون ملك مصر، فأعطاه منزلًا وخصص له طعامًا وأرضًا. فوجد هدد نعمة كبيرة في عين فرعون، وتزوج أخت امرأة فرعون، وهي أخت تحفنيس الملكة. وولدت له جنوبث ابنًا، فطعمته تحفنيس في بيت فرعون
كان جنوبث في بيت فرعون بين بني فرعون، فسمع هدد في مصر أن داود قد مات وأن يوآب رئيس الجيش قد مات أيضًا. فقال هدد لفرعون: “أطلقني إلى أرضي.” ففاجأها فرعون قائلاً: “ماذا ينقصك عندي حتى تطلب العودة إلى أرضك؟” فأجاب هدد: “لا شيء، ولكن أطلقني
فأطلقه فرعون فعاد هدد إلى بلاده، وقاد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الأدومية. كانت مقاومة الأدوميين للاحتلال الإسرائيلي عنيفة ومستمرة، ولم تتوقف إلا بعد إبادة الذكور الأدوميين، كما يذكر نص التوراة
وحدث لما كان داود في أدوم، عند صعود يوآب رئيس الجيش لدفن القتلى، وضرب كل ذكر في أدوم
لأن يوآب وكل إسرائيل أقاموا هناك ستة أشهر حتى أفنوا كل ذكر في أدوم
(سفر الملوك الأول ١١: ١٥-١٦)
كانت مقاطعة تيمان الأدومية الأردنية مشهورة بحكمة شعبها وشجاعتهم، كما أن الجغرافيا الطبيعية لأرض أدوم، بحصونها الطبيعية، جعلت سكانها يشعرون بالأمن والفخر
وصل العداء بين الأدوميين واليهود إلى ذروته في عام ٦٠٧ ق.م عندما دمرت الحشود البابلية مدينة أورشليم القدس. لم يكتف الأدوميون بمراقبة الأحداث، بل شجعوا الغزاة البابليين وتحالفوا معهم لتدمير المدينة تمامًا، وكان ذلك انتقامًا أدوميًا من اليهود
فاجتمع الأدوميون للمشاركة في تدمير البيوت اليهودية وسائر الأبنية، وكانت صيحتهم: “هدوا، هدوا حتى إلى أساسها” كما ورد في سفر مزمور”اُذْكُرْ يَا رَبُّ لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ، الْقَائِلِينَ: هُدُّوا، هُدُّوا حَتَّى إِلَى أَسَاسِهَا” (سفر المزامير ١٣٧: ٧)
أي دمروا كل شيء حتى يصبح كأن المدينة لم تكن موجودة من قبل
وعندما تم تقسيم الغنائم التي جمعها البابليون من اليهود، كان الأدوميون من بين من شاركوا في الغنيمة. وعندما حاول الناجون من اليهود الهروب من القدس والمناطق المحيطة بها، سد الأدوميون الطرق وسلموهم إلى العدو البابلي
من الواضح أن هذا العنف الذي حدث في وقت دمار أورشليم يعد أساسًا للتنديد الذي سجله النبي عوبديا. فقد كتب سفره في وقت كانت فيه أفعال أدوم لا تزال حية في الأذهان والذاكرة (عوبديا ١١، ١٤). وبما أن أدوم نفسها، كما يظهر، قد استولى عليها نبوخذ نصَّر ونهبها خلال خمس سنوات من دمار أورشليم، فإنه من المحتمل أن يكون سفر عوبديا قد كُتب قبل ذلك الوقت، ويُحتمل أن تكون السنة ٦٠٧ ق.م هي الأكثر احتمالًا
إن نبوءة عوبديا على أدوم قد تحققت تمامًا. ففي ذروتها تقول النبوءة: “ويكون بيت يعقوب نارا، وبيت يوسف لهيبا، وبيت عيسو قشا، فيشعلونهم ويأكلونهم ولا يكون باق من بيت عيسو (أي: أدوم)، لأن الرب تكلم” (سفر عوبديا ١ :١٨)، أي أنه لن يبقى منهم شيء على الإطلاق
ووجب الذكر هنا أن التوراة تروج لمزاعم حول “عيسو” على أنه ابن يعقوب، وهي أسطورة مختلقة لا وجود لها في التاريخ. لا يوجد “عيسو” تاريخيًا، وإنما هو اسم اخترعه اليهود بهدف التأكيد على أن كل شيء أصله يهودي، وهو ادعاء لا أساس له وقد قمنا بشرح هذا الادعاء وتفنيده
رؤيا عوبديا: هكذا قال السيد الرب عن أدوم: سمعنا خبرا من قبل الرب وأرسل رسول بين الأمم: قوموا، ولنقم عليها للحرب
(سفر عوبديا ١ :١)
ثم يتوجه عوبديا بتقييمه لأدوم نفسها، حيث يرى اليهود أن أدوم هي أمة صغيرة بين الأمم رغم عظمتها وقوتها. هي محقرة عند اليهود رغم قوتها وجلالها. لكنهم يعترفون أن مملكة أدوم الأردنية كانت تتسم بالجرأة والشجاعة في المقاومة والحرب ضد اليهود وأعدائهم
أما بالنسبة للنبي عوبديا، فهو اسم عبري يعني “عبد يهوه”. كان نبيًا من بني يهوذا في القرن السادس قبل الميلاد، بعد دمار القدس أو في القرن الخامس قبل الميلاد، أي بعد العودة من السبي البابلي. معلوماته عن حياته قليلة جدًا. وهو الكاتب الرابع من الأنبياء الصغار، وصاحب سفر عوبديا الذي يعد السفر الحادي والثلاثين في العهد القديم
كانت أدوم تشعر بالأمان لعيشها بين الجبال الوعرة والصخور الأردنية التي كانت توفر لهم الأمان والثقة بأنهم في مأمن من أي تهديد، بما في ذلك تهديد بني إسرائيل. ولكن يهوه أعلن أنه وإن كان مسكنهم في أعالي الجبال، فإنهم سيهزمون وسيعاقبون من هناك
وعلى الرغم من أن داود قد أخضعهم لفترة محدودة، فإنهم تآمروا لاحقًا مع عمون وموآب ضد يهوذا في أيام يهوشافاط، وتمردوا على ابن يهوشافاط، الملك يورام، وأخذوا الأسرى الإسرائيليين من غزة وصور، كما غاروا على يهوذا في أيام الملك آحاز ليأخذوا المزيد من الأسرى
وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْمُلُوكِ، اقْتَادَ يُوآبُ قُوَّةَ الْجَيْشِ وَأَخْرَبَ أَرْضَ بَنِي عَمُّونَ وَأَتَى وَحَاصَرَ رَبَّةَ. وَكَانَ دَاوُدُ مُقِيمًا فِي أُورُشَلِيمَ. فَضَرَبَ يُوآبُ رَبَّةَ وَهَدَمَهَا
راجع بقية السفر …
(سفر أخبار الأيام الأول ٢٠)
وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ
راجع بقية السفر …
(سفر أخبار الأيام الأول ٢١)
فَقَالَ دَاوُدُ: «هذَا هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ الإِلهِ، وَهذَا هُوَ مَذْبَحُ الْمُحْرَقَةِ لإِسْرَائِيلَ
راجع بقية السفر …
(سفر أخبار الأيام الأول ٢٢)
“فِي أَيَّامِهِ عَصَى أَدُومُ مِنْ تَحْتِ يَدِ يَهُوذَا وَمَلَّكُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَلِكًا. وَعَبَرَ يُورَامُ إِلَى صَعِيرَ وَجَمِيعُ الْمَرْكَبَاتِ مَعَهُ، وَقَامَ لَيْلًا وَضَرَبَ أَدُومَ الْمُحِيطَ بِهِ وَرُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ. وَهَرَبَ الشَّعْبُ إِلَى خِيَامِهِمْ. وَعَصَى أَدُومُ مِنْ تَحْتِ يَدِ يَهُوذَا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. حِينَئِذٍ عَصَتْ لِبْنَةُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ.”(سفر الملوك الثاني ٨: ٢٠-٢٢)
هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ غَزَّةَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ سَبَوْا سَبْيًا كَامِلًا لِكَيْ يُسَلِّمُوهُ إِلَى أَدُومَ
فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى سُورِ غَزَّةَ فَتَأْكُلُ قُصُورَهَا
وَأَقْطَعُ السَّاكِنَ مِنْ أَشْدُودَ، وَمَاسِكَ الْقَضِيبِ مِنْ أَشْقَلُونَ، وَأَرُدُّ يَدِي عَلَى عَقْرُونَ، فَتَهْلِكُ بَقِيَّةُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ
هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ صُورَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ سَلَّمُوا سَبْيًا كَامِلًا إِلَى أَدُومَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا عَهْدَ الإِخْوَةِ
فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى سُورِ صُورَ فَتَأْكُلُ قُصُورَهَا
(سفر عاموس :١ ٦ – ٩)
فَإِنَّ الأَدُومِيِّينَ أَتَوْا أَيْضًا وَضَرَبُوا يَهُوذَا وَسَبَوْا سَبْيًا (سفر أخبار الأيام الثاني ٢٨: ١٧)
ويواصل عبوديا في نصوصه التحدث عن مصير أدوم، قائلاً: “وماذا سيحدث لها؟ إذا كان اللصوص سيغزون أدوم، لكانوا أخذوا حاجتهم فقط، حتى قاطفو العنب كانوا سيتركون بعضًا من المحصول. ولكن ما ينتظر أبناء عيسو (الأدوميين) أسوأ من ذلك. فكنوزهم ستُسلب بالكامل، وحلفاؤهم أنفسهم سينقلبون عليهم. وأولئك الذين كانوا أصدقاؤهم المقربون سيتسببون في سقوطهم، مثل من لا تمييز له. رجالهم المعروفون بالحكمة، ومحاربوهم المعروفون بالشجاعة، لن يكونوا قادرين على مساعدتهم في وقت الكارثة.” ولكن ما سبب هذا العقاب القاسي؟ يرى كتاب اليهود أن هذا العقاب الإلهي هو نتيجة لما ارتكبوه من عنف وقتل وتدمير بحق بني إسرائيل. فقد شمت الأدوميون في سقوط أورشليم، وانضموا إلى الغزاة البابليين في تقسيم الغنائم والممتلكات المسلوبة
كما لو أن عبوديا يشهد أمامه على أعمالهم الشريرة. يُقال لأدوم: “يجب أن لا تفرحي في مصيبة أخيك، ولا تمنعي الناجين من الهرب أو تسلميهم للعدو. يوم الحساب من عند يهوه قريب، وسينادى عليك للحساب. كما فعلتِ، سيفعل بكِ، أي كما تدينين تُدانين.” من الواضح أن الإعلانات الأقدم تشير إلى أعمال عدائية في العصور الماضية بين الأدوميين والإسرائيليين، بينما الإعلانات المتأخرة تتضمن اتهامات ضد أدوم وتنبؤات لها بالخراب نتيجة لسلوكها الذي لا يغتفر، الذي أشار إليه عبوديا عندما غزا البابليون أورشليم. لم يستمر السلام بين بابل وأدوم. ففي القرن السادس قبل الميلاد، تحالفت القوات البابلية بقيادة الملك نابونئيد مع أدوم بعد زواجه من ماهيتاب الأدومية، مما منحها قوة استمرت قرنًا آخر. ورغم ضعفها نتيجة لتدهور الدول، فإن أدوم كانت لا تزال تأمل في استعادة قوتها وهيمنتها على الأرض والبحار. من المهم القول هنا أن أدوم تحالفت مع البابليين ضد بني إسرائيل وساعدت في احتلال القدس، كما أن الملك البابلي نابونئيد زار حمامات عفرا والبربيطة في أراضي أدوم للاستشفاء والراحة. وكان حليفًا للأدوميين وتزوج منهم
أما ما ورد في التوراة عن الاحتلال البابلي لأدوم فهو غير دقيق ولا يستند إلى دليل علمي. في هذا السياق، تذكر سفر ملاخي «لأَنَّ أَدُومَ قَالَ: قَدْ هُدِمْنَا، فَنَعُودُ وَنَبْنِي الْخِرَبُ. هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هُمْ يَبْنُونَ وَأَنَا أَهْدِمُ. وَيَدْعُونَهُمْ تُخُومَ الشَّرِّ، وَالشَّعْبَ الَّذِي غَضِبَ عَلَيْهِ الرَّبُّ إِلَى الأَبَدِ» (سفر ملاخي ١ : ٤)، رغم جهود أدوم لإعادة البناء، فإن استمرارها لمدة ٤٠٠٠ سنة كان كافيًا لإثبات أن الدول، كما البشر، لها عمر ونهاية. بحلول القرن الخامس قبل الميلاد، كان الأنباط قد استقروا في المنطقة، وسكن جزء من الأدوميين المطرودين من أرضهم في الجزء الجنوبي من يهوذا، الذي أصبح يعرف بإدوميا في جنوب كنعان. ولم ينجحوا في استعادة أرض سعير
أما التوراة، فإنها تركز على التشفي لما حل بمملكة أدوم التي استمرت ٤٠٠٠ سنة، وهو عمر طويل لأي دولة عبر التاريخ. وتعبر التوراة عن هذا التشفي كما ورد في سفر العدد ٢١
بعد أن تم طرد العديد من الأدوميين من أراضيهم في جبال سعير (جنوب الأردن)، استقر النازحون خلال فترة الاحتلال الفارسي في منطقة تمتد من تلال الخليل الجنوبية إلى الحدود الشمالية لبئر السبع. ويذكرهم التاريخ تحت الاسم الإغريقي لشعبهم القديم، إذ أصبحت منطقتهم الجديدة تعرف بإدوميا أو إدومايا، وهو مصطلح استخدم في زمن العهد الجديد. وختم المؤلف قائلاً: لقد عاشت أدوم بالسيف وانتهت بالسيف
المراجع
د. احمد عويدي العبادي , الملك الأردني حدد الثاني زمن الاحتلال الإسرائيلي