المملكة الأردنية الأدومية، جزء: ٢١ – نصوص توراتية عن ادوم الأردنية
تناولت نبوءة سفر عوبديا أدوم، مبرزة تاريخ الأدوميين وعلاقتهم المتوترة مع بني إسرائيل. كما سلطت الضوء على موقعهم الجغرافي الحصين، وأحداث بارزة مثل تعاونهم مع نبوخذ نصر في السبي البابلي، واستمرار العداء بينهم وبين اليهود. وانتهى مصير الأدوميين بإجبارهم على التهود واندماجهم في المجتمع اليهودي
يعد الأدوميون من الشعوب القديمة التي لعبت دورًا بارزًا في تاريخ الشرق الأدنى القديم، وارتبط ذكرهم في العديد من النصوص الدينية والتاريخية. تتناول نبوءة سفر عوبديا في العهد القديم أدوم، مسلطةً الضوء على مواقفهم تجاه بني إسرائيل وعلاقتهم بالأحداث الكبرى، مثل السبي البابلي. في هذا السياق، تستعرض هذه النبوءة، إلى جانب تفسيرات المفسرين، نشأة أدوم وموقعها الجغرافي ودورها في الصراعات القديمة، وصولًا إلى مصيرها المحتوم وفقًا للنبوءات التوراتية
توجد إشارات إلى أدوم في الأصحاح الأول من سفر عوبديا (حسب تفسير القمص أنطونيوس فكري)، حيث تركز هذه النبوءة القصيرة على أدوم، ويمكن تلخيصها في العبارة: “فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الْأُمَمِ. كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ” (سفر عوبديا ١: ١٥). كانت البتراء، إحدى أبرز مدن أدوم، تقع في وادٍ ضيق محاط بجبال شاهقة، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر ممر ضيق يسمى السيق، والذي يتراوح عرضه بين ٤ و ١٣ ذراعًا فقط. بفضل هذا الموقع الحصين، كان بإمكان مئة رجل من أهل المدينة صد عشرة آلاف مهاجم، مما منحهم شعورًا بالقوة والتعالي
واصل النبوءة الحديث عن الأدوميين الذين استوطنوا جبل سعير، حتى أصبح اسمه مرادفًا لأدوم، كما كان مرتبطًا بالحوريين. وكلمة سعير تعني أيضًا “شعير” أي كثيف الشعر، بينما تعني أدوم “دموي” أو “من أديم الأرض”. استخدم النبي هذا الاسم ليشير إلى وحشية الأدوميين تجاه شعب الله، أي بني إسرائيل
كما تذكر النبوءة أن الأدوميين رفضوا السماح للإسرائيليين بالمرور عبر أراضيهم سفر عدد، بل حاولوا قتالهم، مما تسبب لهم في مشقة كبيرة. واستمرار عداء أدوم لشعب الله جعلها ترمز إلى إبليس في الفكر اليهودي
وَأَرْسَلَ مُوسَى رُسُلًا مِنْ قَادَشَ إِلَى مَلِكِ أَدُومَ: هكَذَا يَقُولُ أَخُوكَ إِسْرَائِيلُ: قَدْ عَرَفْتَ كُلَّ الْمَشَقَةِ الَتِي أَصَابَتْنَا (عدد ٢٠: ١٤)
ظن الأدوميون أنهم في مأمن، معتقدين أن تحصيناتهم الطبيعية وجبالهم ستحميهم من أي خطر. وتقر التوراة بأن الأدوميين باعوا بني إسرائيل كعبيد، حيث قاموا بأسرهم وبيعهم لمن يرغب في شرائهم. وهذه الإشارة تحمل دلالة عميقة، إذ تسلط الضوء على أحد الأسباب الجوهرية وراء كراهية اليهود للأدوميين، والدعوات التي أطلقها أنبياء بني إسرائيل ضدهم، أرضًا وشعبًا
:وفي تفسير سفر عوبديا ورد
كان خراب أدوم على مراحل، وقد تنبأ عن خرابهم كل من إرميا وصفنيا وحزقيال وعوبديا. وضربتهم بابل ولكن خرابهم النهائي كان على يد تيطس الروماني فتمت فيهم نبوات الأنبياء. ولقد استطاع يهوذا المكابي إخضاعهم وجاء بعده يوحنا هركانوس وأرغمهم على التهود وختنهم سنة 125 ق.م. فصاروا كشعب واحد مع اليهود. ومن الأدوميين جاءت عائلة هيرودس
تيطس الروماني (٣٠ ديسمبر ٣٩ -١٣ سبتمبر ٨١ قبل الميلاد)*
يهوذا المكابي كان من زعماء اليهود في القرن الثاني قبل الميلاد، وأحد المناضلين من أجل الحرية**
بعده جاء يوحنا هركانوس (أو يوحنا بن سمعان المكابي) الذي ولد عام ١٦٤ قبل الميلاد وتوفي عام ١٠٤ قبل الميلاد. كان زعيمًا مكابيًا حشمونيًا يهوديًا ورئيس كهنة بني إسرائيل في القرن الثاني قبل الميلاد. حكم أسرة الحشمونيين منذ عام ١٣٤ قبل الميلاد حتى وفاته في عام ١٠٤ قبل الميلاد. وفي الأدب الحاخامي، يطلق عليه غالبًا اسم «يوحنا رئيس الكهنة». في عام ١٢٥ قبل الميلاد، أَجبر الأدوميين على اعتناق اليهودية وختنهم، ليصبحوا جزءًا من الشعب اليهودي. ومن الأدوميين تنحدر عائلة الملك هيرودس
في الأصحاح الأول من سفر عوبديا في التوراة، نجد النص التالي: “ما فعله الأدوميون تجاه اليهود أثناء محنتهم على يد نبوخذ نصر، ظل اليهود يتذكرونه بحزن وهم في السبي ببابل. كانوا يذكرون خيانة الأدوميين في اليوم الذي دمر فيه نبوخذ نصر أورشليم. وقد رتلوا في السبي هذا المزمور: ‘أذكر يا رب لبني أدوم يوم أورشليم، القائلين هِدوا، هِدُوا حتى إلى أساسها‘ (مزمور ٧: ١٣٧) وكان هذا هو قول الأدوميين لجيش بابل، ليهدموا أورشليم تدميرًا كاملاً، ويجعلوها أرضًا خرابًا
اما السبي البابلي الذي تعاون فيه الأدوميون مع نبوخذ نصر هو فترة هامة في التاريخ اليهودي، حيث شهدت أسر يهود مملكة يهوذا القديمة على يد نبوخذ نصر الكلداني، ابن نبوبولاسر، في بابل بالعراق القديم. في تلك الفترة، قام نبوخذ نصر بنقل اليهود قسراً من فلسطين مرتين، الأولى في عام ٥٩٧ ق.م، والثانية في عام ٥٨٦ ق.م
تم ذكر إدوم في النصوص المسمارية الآشورية تحت اسم “أودومي” أو “أودومو“. وقد عرف ثلاثة من ملوكها من خلال هذه المصادر: كاوس (أو قوس) ملك في عهد تغلث فلاسر الثالث حوالي عام ٧٤٥ ق.م، وماليك (الملك) رامو في زمن سنحاريب نحو عام ٧٠٥ ق.م، وأيضاً كأوس (قوس غابري) في فترة آسر حدون حوالى عام ٦٨٠ ق.م
المراجع
د . احمد عويدي العبادي, نصوص توراتية عن ادوم الأردنية
د . احمد عويدي العبادي, المملكة الأردنية الأدومية، عمان، الأردن