الشماغ الأردني
يمثل الشماغ الأردني رمزًا أصيلًا للهوية الوطنية التي تعكس تاريخًا ممتدًا عبر الحضارات المتعاقبة. يجسد هذا الزي التقليدي معاني الشموخ والانتماء، ويعد جزءًا لا يتجزأ من التراث الشعبي الأردني العريق. من خلال نقوشه وألوانه المميزة، يحتفظ الشماغ برمزيته الثقافية ودوره في تعزيز الفخر الوطني على مر العصور
جندي أردني معتمرا الشماغ
الشماغ هو الزي التقليدي الذي يرتديه الأردنيون على رؤوسهم، ويعد من أقدم وأحدث الملابس التاريخية في الوقت ذاته. لا يزال الشماغ يعتبر اللباس الرسمي الأكثر شهرة وقبولًا في الأردن، وهو عنصر موروث يمتد من الحضارات القديمة من الحوريين والأدوميين، مرورًا بالأنباط والعهد اليوناني والروماني وصولًا إلى العهد الإسلامي. على الرغم من العصور الطويلة التي مرت، ظل الشماغ ثابتًا في دلالاته الثقافية وألوانه وطريقة ارتدائه، من العصور القديمة حتى العصر الحديث
رمزية الشماغ
التقاليد: تاريخيًا، استخدم الشماغ كوسيلة للحماية من الظروف البيئية القاسية مثل حرارة الشمس والرياح والغبار، مما جعله جزءًا عمليًا من الحياة اليومية في البيئة الصحراوية
الهوية الثقافية: يمثل الشماغ رمزًا بارزًا للهوية الوطنية والتراث الشعبي في العديد من الدول العربية، وخاصة في بلاد الشام (الأردن، فلسطين، سوريا) ودول الخليج العربي
الاعتزاز الوطني: في الأردن، يعتبر الشماغ الأحمر والأبيض تعبيرًا عن الفخر الوطني والأصالة، ويرتدى في المناسبات الرسمية والتقليدية
أصل الشماغ
قصة صناعة الشماغ في قرية شماخ / الشوبك
كلمة الشماغ مشتقة في أصلها من ال شماخ، وهي اسم قرية تقع ضمن قرى الشوبك جنوب الأردن. كانت هذه المنطقة جزءًا من أراضي المملكة الأردنية الأدومية، واشتهرت قديمًا كمركز لصناعة أغطية الرأس التقليدية، أي الشماغات. كانت هذه الصناعة تعد أحد أسرار الدولة الأدومية، حيث كانوا ينتجون الشماغ من الحرير المستخرج من دودة القز المحلية، مستفيدين من غابات التوت الكثيفة التي كانت تغطي المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، كانوا يعتمدون على القطن الذي كان يزرع في غور الشوبك، إلى جانب الصوف النقي
وفي إحدى لهجات الادوميين القديمة، كانوا ينطقون الخاء كغين، مما أدى إلى تحول كلمة “الشماخ” التي تعني أيضًا الشموخ، والإباء، والأنفة، (وهي اسم القرية الأدومية التي تصنع فيها الشماغات) إلى الشماغ، ويعود ذلك إلى تنوع اللهجات العربية الأدومية التي تحمل جميعها المعنى ذاته
كما يذكر أن الأدوميين كانوا ينطقون اسم القرية “شماخ” بطرق متعددة، منها شماخ و شمّاغ مع تشديد الميم في كليهما أو تخفيفها، وكلا النطقين يحملان نفس معنى الارتفاع والإطلالة والشموخ والأنفة والعلوّ عن محيطها. وعندما بدأ تصدير الشماغ المصنوع في شماخ إلى بلاد سومر، أعيدت صياغة الكلمة هناك بنطق مختلف، حيث أضافوا الياء إلى بدايتها واستبدلوا الخاء بالغين، لتصبح يشماغ. وهكذا، تنوعت التعبيرات عن الشماغ، لكنها ظلت تعبر عن المعنى ذاته، واستقر الاسم في نهاية المطاف على شماغ، وهو الاسم المستخدم حتى يومنا هذا
كان الأردنيون يفخرون بارتداء لباسهم التقليدي، إذ يعبر عن الشموخ والإباء. ويكتسب الشماغ الأحمر والأبيض دلالة خاصة، إذ يرمز إلى هوية الأردن. ويشير معنى اسم “الأردن” إلى نوع من الخز الأحمر، وهو نوع من الأقمشة ينسج من صوف نقي. كما يحمل اسم “الخز” معنى آخر، حيث يطلق على نوع من الورود الحمراء الخجولة، مثل وردة الدحنون التي تزهر بكثرة في مواسمها في الأردن. بالإضافة إلى ذلك، تتميز الأردن بوردة السوسنة السوداء ذات اللون الداكن، والتي تعتبر رمزاً فريداً يشتهر به الأردن عن باقي دول العالم
ويذكر أنه قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة، كانت مملكة الحوريين ثم مملكة أدوم الأردنية، تصدر الشماغات المصنوعة في قرية شماخ إلى بلاد سومر في العراق، وقد ظهرت كلمة “يشماغ” في لغة السومريين وأطلق السومريون على غطاء الرأس هذا الاسم، بنطق يتناسب مع لهجتهم
الشماغ والعقال في تمثال نبطي من حوران
ربما هذا أقدم دليل مادي آثاري على ارتداء العرب للعقال والشماغ من الحقبة النبطية ، من موقع الكفر في جبل حوران جنوبي سوريا, تصوير باتلر عام ١٩٠٢ م
تمثال بازلتي يؤرخ الى حوالي ٤٠٠٠ ق.م عثر عليه في جنوب الأردن، ويلاحظ العقال على الرأس
تمثال لرجل عيلامي عثر علیه في مدینة سوس في أقليم الأحواز العربية معتمرا العقال العربي كما وصفه عالم الآثار الآلماني ارنست هرتسفلد وعلى رأسه غطاء يشبه نقوش الشماغ
تمثال لرجل من حضارة لحيان العربية في السعودية معتمرا العقال العربي وعلى رأسه غطاء يشبه نقوش الشماغ
الشماغ الأدومي في التوراة
:وقد أشارت التوراة إلى الحرير والشماغ الأدومي، حيث جاء في سفر إشعياء في مطلع الإصحاح الثالث والستين النص التالي
من ذا الآتي من أدوم ، بثياب حمر من بصرة هذا البهي بملابسه، المتعظم بكثرة قوته. أنا المتكلم بالبر، العظيم للخلاص
ما بال لباسك محمر، وثيابك كدائس المعصرة
قد دست المعصرة وحدي ، ومن الشعوب لم يكن معي أحد. فدستهم بغضبي، ووطئتهم بغيظي. فرش عصيرهم على ثيابي، فلطخت كل ملابسي
النص يتخذ طابعًا بلاغيًا أشبه بالحوار، إذ يبدأ بتوجيه تساؤل إلى شخصية عظيمة تحمل صفات مميزة. هذه الشخصية يشار إليها بأنها آتية من أدوم، مرتدية ثيابًا حمراء من بصرة (أي بصيرا، عاصمة الأدوميين). ومن بين سماتها أنها تتسم بالأناقة في ملبسها والعظمة في قوتها. يجيب هذا الشخص عن التساؤل قائلاً: أنا المتحدث بالبر، العظيم في تحقيق الخلاص
فيطرح عليه سؤال آخر: لماذا ثيابك محمرة وكأنها ملطخة بعصير المعصرة؟ فيجيب قائلاً: لقد دست المعصرة بمفردي، ولم يكن معي أحد من الشعوب، فدستهم بغضبي ووطئتهم بغيظي، ونتيجة لذلك، انسكب عصيرهم على ثيابي، فتلونت جميع ملابسي
إذن، يتحدث النص عن مكانين: الأول هو أدوم، الذي يأتي منه الشخص المقصود (من ذا الآتي من أدوم؟)، والثاني هو بصرة، التي تأتي منها الثياب التي يرتديها هذا الشخص، وهي عاصمة أدوم (بثياب حمر من بصرة). ثم يتناول النص صفات هذا الشخص، حيث يذكر أنه يتكلم بكلام عظيم يخلص الناس وينجيهم (أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص). كما يصفه بأنه يخرج في كثرة قوته (المتعظم في كثرة قوته)، ويسحق الشعوب المتمردة على ربها. وأخيراً، يوضح النص كيف ينتصر هذا الشخص على الأعداء (قد دست المعصرة وحدي، ومن الشعوب لم يكن معي أحد؛ فدستهم بغضبي، ووطئتهم بغيظي، فرش عصيرهم على ثيابي، فلطخت كل ملابسي)
السومريون و الشماغ
كان السومريون يسمونه “اليشماغ”، وكان يعد من السمات البارزة والرموز التراثية المعروفة في بلاد سومر، حيث استمر لقرون طويلة. وكان هذا التقليد منتشراً أيضاً في بلاد أدوم وبقية الممالك الأردنية. وكان من يرتديه يتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة، إذ كان يعتبر بمثابة رمز للقوة والهيبة، ويمنح مرتديه تأثيراً كبيراً في الحياة اليومية للمجتمع، حيث كان الناس يرون فيه تجسيداً للسلطة والوقار
تظهر العديد من التماثيل الخاصة بالحاكم السومري كوديا (٢١٤٦-٢١٢٢ ق.م) وهو يرتدي اليشماغ الأردني الأدومي كقطعة واحدة، مما يثبت أن اليشماغ كان يُعتبر الزي الرئيسي لشيخ القبيلة وأفرادها في كل من الأردن وبلاد السومريين. ويرتبط ارتداء اليشماغ بالعقال، إلا أن العقال يتم التخلي عنه في مناسبات الحزن، ويبقى اليشماغ وحده كرمز للفقد والحزن العميق
وردت كلمة “يشماغ” في اللغة السومرية، وتتكون من مقطعين هما: “آش ماخ”، وتعني “غطاء الرأس”. وفقًا لقواميس اللغة المسمارية، فإن أصل كلمة “يشماغ” مكون من هذين المقطعين في السومرية، حيث تعني “غطاء رأس عظيم”. كما يلاحظ أن اللفظ يشبه بشكل واضح كلمة “شماخ” باللهجة الأردنية، أو “آش ساخ”، التي تعني “غطاء الكاهن العظيم”. من الواضح أن الكلمة هي إعادة للفظ “شماخ” الأردني باستخدام اللفظ السومري
أصبح اليشماغ زيًا مميزًا للأمراء والكهنة في العصر السومري الذهبي (٢١٢٢ – ٢٠١٤ ق.م). وكان هذا التقليد مستمَدًا من مملكة أدوم والممالك الأردنية الأخرى، حيث كان الشماغ يرتديه الملك، وقادة الجيش، ورجال الدين، وزعماء العشائر، والسحرة، وأعضاء مجلس الحكم، بالإضافة إلى ولاة المقاطعات. وقد تم نقل هذا التقليد إلى سومر في العراق، ليصبح الشماغ زيًا خاصًا أيضًا لهذه الطبقات الاجتماعية
مع مرور الوقت، أصبح هذا الاستخدام شائعًا بين عامة الشعب. وقد تناقله الأردنيون وأثروا في سكان الأهوار، حيث وصل إليهم عبر أسلافهم من الأدوميين والسومريين قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد، ثم انتشر إلى دول الخليج وبقية البلدان العربية
أصبح الشماغ من زي النخبة إلى زي شعبي، وتنوعت أنواعه بحسب الأهمية والقيمة استناداً إلى جودة الصنع، مما جعله يتفاوت في السعر من غالٍ إلى رخيص حسب القدرة المادية للمشتري. وعادة ما يكون مزيجاً من اللونين الأبيض والأحمر، مع إضافة الهدب على أطرافه وزواياه من القطن الأبيض، وهي ميزة أضافها الأردنيون
في العراق، يعتبر هذا الزي من الملابس المنتشرة بشكل واسع في بلاد وادي الرافدين، سواء في الماضي أو الحاضر. وقد تباينت أشكاله وألوانه هناك، وأصبح محط اهتمام شيوخ القبائل الذين ارتدوه ليمنحهم تأثيرًا وبصمة مميزة في مجتمعاتهم
وتم ذكر كلمة “يشماغ” في لغة السومريين، وهي إحدى الحضارات القديمة التي نشأت في جنوب بلاد الرافدين، في العراق الحالي. استدل على تاريخ هذه الحضارة من خلال الألواح الطينية المكتوبة بالمسمارية. ظهر اسم “سومر” في بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد، بالتزامن مع فترة ظهور الحيثيين، بينما يعود أصل السومريين إلى الألفية السادسة قبل الميلاد
الكلمة السومرية “يشماغ” أو “يشماخ” أو “اش ماغ” مشتقة من اسم قرية الشماخ الأردنية، التي اشتهرت بصناعة الشماغات. تعود الكلمة إلى اللغة العربية الأدومية، ثم تحولت في اللغة السومرية إلى مقطعين هما “اش ماخ” أو “يش ماغ”، بمعنى “غطاء الرأس”، مع استبدال حرف الخاء بالغين. وبالمثل، أطلق على السيوف اسم “المشرفية” نسبة إلى قرية المشيرفة في أرض الكرك، التي اشتهرت بصناعتها
وفي بحث كتبه الأستاذ الدكتور قصي منصور التركي ونشره على موقع “العربية نت” بتاريخ ٦ مايو ٢٠٢١ تحت عنوان “أصل الشماغ”، تناول فيه وجود كلمة “الشمُغ” في لغات حضارات بلاد الرافدين والشرق الأدنى القديم مثل السومرية والأكدية. ويتفق د. أحمد عويدي العبادي معه في هذا الرأي، لأن هذه اللغات تنحدر من أصل عربي
ويقول د. أحمد عويدي العبادي إن هذه الشعوب التي انتشرت في بلاد الرافدين وأرام (سوريا) وبلاد الأردن وجزيرة العرب، هي جزء من الأمة الثمودية العربية، التي كانت قد اتخذت من شمال جزيرة العرب مقرًا ومستقرًا لها، بما في ذلك منطقة الأردن القديمة
ولايتفق د. أحمد عويدي العبادي مع من يعتقد بوجود “العرق السامي” أو “اللغة السامية”، حيث نرى أن هذه التسمية تحمل طابعًا إسرائيليًا. بل نعتقد أن هناك العرق الثمودي الذي يشمل اللغة والجغرافيا والتاريخ والهوية. أما الباحث التركي فيرى أن اللغة يمكن أن تكون جزرية نسبة إلى جزيرة العرب، ويعتقد د. أحمد عويدي العبادي أنها اللغة الثمودية العربية، نسبة إلى الأمة الثمودية الأردنية التي كانت منتشرة في شمال جزيرة العرب والمناطق المتاخمة لها شمالًا وشرقًا. كما يتفق د. أحمد عويدي العبادي مع الرأي التركي الذي يشير إلى أن التشابه الجوهري بين كلمة “الشماغ” في الأكدية والعربية هو أمر واضح وثابت، وذلك لأن كلا اللغتين تنحدران من أصل واحد، وهو الأصل العربي الأردني. وقد وردت كلمة “شماغ” في اللغات السومرية والأكدية والبابلية
يقول الباحث التركي إن كلمة “شماغ” في صيغة “شَماغُ” تترجم إلى اسم وصفة تدل على الشموخ والسموّ. وهذه الكلمة ومعناها يتيح لنا الوصول إلى ألفاظ أخرى مترابطة، ذات دلالة لفظية ومعنى مشابه للغة العربية، وبصيغة قريبة، وهي نفسها لفظة “شُموخ” في العربية، وتطابق كلمة “شمَاخ” في الشوبكية الأدومية, ويضيف قائلاً: “من العصر البابلي القديم (بداية الألف الثاني قبل الميلاد)، ظهرت مفردة تعبر عن الشموخ والامتلاء بالحيوية، وهي كلمة “نشماغُ”، التي أضيف إليها حرف النون في بداية الكلمة، وتتشابه صوتياً مع صيغة المضارع في اللغة العربية
إن ارتداء الشماغ اليوم يرمز إلى الشموخ والسمو، ويعكس هذه الصفات فيمن يرتديه من الملوك والحكام والأمراء والشخصيات الرفيعة. وفي السياق اللغوي العام، تشير الكلمة في المعاجم الأكدية إلى شخص ذو مكانة عظيمة وعالية، وهو ما يتماشى تماماً مع معناه في اللهجة الأردنية، حيث يرتديه أصحاب السمو والمعالي
الأمير كوديا و الشماغ
ومن الملفت في البحث الذي أشار إليه الدكتور التركي أنه ذكر: “أخبرتنا المنحوتات والتماثيل أن أحد أبرز حكام بلاد الرافدين الذين ارتدوا الشماغ هو أمير سومري من سلالة ومدينة هامة، وهي مدينة لكش. واسمه كان گوديا ويعود تاريخه إلى الفترة من
٢١٤٤ – ٢١٢٤ ق.م. ويعني اسمه: الموحى إليه أو المتنبئ
تمثال جوديا الأول - متحف اللوفر
تماثيله المحفوظة في متاحف العالم، ومنها متحف اللوفر، تظهر أنه كان أول من وضع الشماغ على رأسه في بلاد الرافدين، حيث ارتداه كعصابة وليس بشكل متدلي. وقد وصف بهذا الزي كأمير وكاهن أعظم. كانت تربطه علاقات صداقة وتجارية قوية مع ممالك الخليج العربي وشرق جزيرة العرب. وفي نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، استورد من ممالك الخليج العربي أحجار الديوريت الأسود التي صنعت منها تماثيله كما كان الحبر أو الكاهن الأعظم في حضارة بلاد الرافدين يرتدي الشماغ أيضًا، بأسلوب يتمثل في لفة تشبه العصابة أو العمامة أو الشماغ الملفوف على الرأس
هوية الشماغ الاردنية
كان الشماغ يعتبر الزي الرسمي لملوك الأردن في العصور القديمة، بما في ذلك الأدوميين، المؤابيين، المديانيين، العمونيين، وملوك بيريا وباشان وبلعام. كما كان يعد رمزًا للباس علية القوم وكبار رجالات الدولة، إلى جانب ارتدائه من قِبل الكهنة وقادة الجيش. وقد اشتهر الأدوميون بتصديره إلى الممالك الأردنية الأخرى وإلى بلاد الرافدين
كان الكوفية رمزًا للرجولة، ولكنه كان أيضًا جزءًا من زي النساء، حيث ارتدينه بطريقة مختلفة عن الرجال. ولا يزال حتى يومنا هذا يرتدى من قبل النساء والرجال، مع تمييز بينهما يتمثل في ارتداء الرجال للعقال، بينما تضع النساء العصابة
ومن الحداء الأردني البدوي القديم الذي توارثته الأجيال عبر القرون، ولا يزال حاضرًا حتى يومنا هذا في جنوب الأردن، وبالأخص في معان المحروسة، يُقال في الإشارة إلى الشماغ الأحمر
“هدب شماغ الحمر يا سعد يا تاج راسي ……. هيلك من قبلك زانوا الهدب بالماسي”
وقولهم: “لبَاسة الجوخ الأحمر”، وأيضاً: “لبَاسة الشماغ الأحمر”. هنا تُستخدم كلمة “الأحمر” باللهجة الأردنية لتعني اللون الأحمر، كما عبّر عنها شاعر الأردن الخالد عرار
خداك، يا بنت، من دحنون ديرتنا روحي فداء الخديد الأحمر القاني
يا ميّ! دحنون وادي الحور حمرته قد شابها ببياض طلّ نيسان
ناشدتك الله والأردنّ هل قبسا خداك لونهما من لونه القاني
الشماغ الأحمر، المعروف أيضًا بالشماغ الأبيض والأحمر، يمثل رمزًا من رموز الهوية الوطنية الأردنية المتأصلة عبر آلاف السنين. هذا الرمز ليس من اختراع كلوب باشا أو الإنجليز ولا يعود لفترة الانتداب، بل هو جزء أصيل من التراث الأردني. وقد أعيد إحياء هذا الرمز عند تأسيس قوات البادية الأردنية، حيث اجتذب أبناء العشائر لأنه يجسد بعمق المعاني والذاكرة التاريخية للأردنيين
من هنا، فإن ارتداء الشماغ الأردني يمثل بالنسبة لنا حملًا لرمز تاريخي عريق يعكس الهوية الوطنية والشرعية الأردنية المتأصلة منذ آلاف السنين. لذا، يجدر بكل أردني وأردنية أن يرتدوا الشماغ في المناسبات الوطنية والرسمية، فهو جزء من اعتزازنا بتراثنا. ويتميز الشماغ الأردني بكونه مُهدبًا، حيث تحيطه أطراف من الخيط القطني الأبيض، مما يضفي عليه طابعًا خاصًا ومميزًا
المراجع
د . احمد عويدي العبادي، قصة صناعة الشماغ في قرية شماخ / الشوبك، ومنها اخذ اسمه قبل الاف السنين